على خلفية نشر الصور المسيئة لشخص الملك
آراء الكُتّاب لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
ما زالت فرنسا تعيش في جلابيب آبائها وأجدادها المستعمرين، وما زالت تتوهم أن بإمكانها أن تصول وتجول في مستعمراتها السابقة؛ رغم أن الاتحاد السوفياتي قد انهار بدون رجعة، ورغم أن جدار برلين قد سقط منذ بضعة عقود؛ وجراح ليبيا التي تسببت فيها فرنسا تلتئم يوما بعد يوم؛ إلا أن الفرنسيين لم يستوعبوا الدرس جيدا؛ ربما لأنهم أغبى من أن يسايروا ما استجد في العالم الذي تطور بسرعة الضوء، أو أن العجرفة والكبر جعلانها ترى العالم كما تشتهي لا كما هو.
منذ القرن الماضي إلى اليوم، وفرنسا تعادي الإسلام بشراسة منقطعة النظير، وتتعامل معه وكأنه عدوها الأبدي، وأن حربها معه مسألة حياة أو موت؛ الأمر الذي يبدو جليا في محاربتها لمظاهر التدين الشخصية كالحجاب وغيره؛ رغم أنها تدخل في خانة الحرية الشخصية للأفراد، وآخر ما أبدعه عقل فرنسا “العتيد”، منع الاتحاد الكروي الفرنسي إفطار اللاعبين أثناء المباريات في رمضان، الشيء الذي لم تقم به أية دولة أوروبية على الإطلاق.
حينما يصرح ماكرون بأن الإسلام يعيش أزمة، تشعر بحجم الخبث والغباء الذين يعششان في رؤوس المسؤولين الفرنسيين؛ ربما كان ماكرون أكثر موضوعية لو قال بأن المسلمين يعيشون أزمة؛ أما الإسلام فهو فكرة والفكرة لا تموت، على أي، فمنذ أن أطلق هذا المعتوه هذا التصريح البليد، وفرنسا تتخبط من أزمة إلى أزمة حتى كادت الأمم المتحدة تتبرأ منها ومن صنائعها.
إذا كان الدين يشكل واحدة من العقد النفسية للفرنسيين، فالملكية في المغرب على رأس هذه العقد التاريخية؛ فهي ترى الملكية عمود الدين وروحه، وحاميه وضامن استمراريته، كما تراها موحدة للشعب على اختلاف أطيافه وأعراقه وأجناسه، وصمام أمان أمام الفتن ما ظهر منها وما بطن؛ من أجل هذا كله تكن فرنسا للملكية عداء دفينا، وسرعان ما تطفو بوادره إلى السطح كلما نضجت الظروف لذلك؛ سواء عبر إعلامها “الشريف” بين الحين والحين، أو عبر قضائها “النزيه” الذي حكم على الفرنسيين الذين ابتزا الملك، في القصة المشهورة التي يعرفها الجميع، بشهور موقوفة التنفيذ، في الوقت الذي حكمت فيه على فنان مغربي بعشر سنوات نافذة على إثر تصريح عاهرة فرنسية لا تملك أي دليل.
لقد قسمت فرنسا أدوار محاربة الدين بينها وبين صنيعتها الجزائر، ففي الوقت الذي انبرت فيه للإساءة لشخص رسولنا الكريم بصورها المسيئة والمقززة، أعطت دور الإساءة لشخص حفيده، نصره الله وأعزه، إلى الجزائر البلهاء؛ وما الصور المسيئة لشخص الملك والتي ظهرت قبل أيام في إسبانيا، من لدن مرتزق مقرب من حظيرة الجزائر، والذي يمثل حزبا لا يُرى بالعين المجردة ولا يعرفه أحد، إلا فيض من غيض؛ لكنهم يمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين.