جرسيف: رضّع يَبكون في جوف الليل ويتوسّدون الرّصيف في العراء

بينما الجميع يهنأ بنوم الآن في فراش مريح، هناك سيدة مع أطفالها الثلاثة في إحدى أزقة حي الطباشير بمدينة جرسيف، إثنين منهم توأم رضع، ينامون في العراء، سقفهم نجوم بعيدة، وسريرهم رصيف صلب يدمي أجسادهم المنهكة، ويحطم أحلامهم في الحصول على سرير يشعرون فيه ببعض الراحة.
جرسيف سيتي رصدت قبل قليل، سيدة متشردة مع أطفالها الصغار، مستسلمة لنتيجة أخطائها السابقة في الحياة، ولحظها العاثر، وترفض المساعدة الغذائية من المارة، وتكتفي بالصمت، وبالاعتراف بأن والد الأطفال معروف لكنه غير شرعي.
مأساة طفل وهو يبكي في عربة، إحساس يهز المشاعر، وآخر يضع رأسه على الرصيف مستسلما للنوم، بعدما ظل يومه يتيه في الأزقة بلا عنوان.
مشهد قد يكون من بين عشرات المشاهد المماثلة في جرسيف، أو في مناطق أخرى، والتي افرزتها العلاقات غير الشرعية خارج مؤسسة الزواج، لكن رغم ذلك فإن الأمر يفرض على السلطات، والفعاليات الجمعوية والحقوقية حماية هذه الأسرة المتشردة، وتقديم يد المساعدة لها، لكي لا تنتج مآس أخرى مستقبلا.
دستور المملكة ينص في فصله 31، على “تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في العلاج والعناية الصحية..والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة..وعلى تعليم عصري..والسكن اللائق”. وحالة هذه السيدة التي تدعى (ن)، تجتمع فيها كل هذه المقتضيات الدستورية، كظروف ضاغطة تفرض الإسراع لانتشالها من الشارع العام، والسعي لتحقيق النمو السليم لهؤلاء الأطفال الأبرياء، الذين جاؤوا الى هذه الدنيا بسبب أخطاء ونزوات عابرة، وعدم تركهم لمصيرهم الذي سيدفعهم لاحقا ليحاكموا المجتمع بشكل أشد وقعا.
* نعتذر عن عدم إدراج فيديو بحوزتنا لحال الأسرة