السيتي

تجار الشأن السياسي بجماعة تادرت

في البداية فليعذرني الشباب الأخيار وكل من يرى الإصلاح والتغيير ثمرة تنبع من القلوب القوية والخالصة فقد بتنا نعرف ونعيش في زمن إنكفأت فيه المشاريع والرؤى المحلية على مستوى جماعة تادرت . فانقلبت المقاييس وتشوهت المفاهيم خاصة في ممثلي الساكنة وفي صفوف الشباب أيضا .وبات من الضروري بالتالي أن نعود جميعا الى الأسس والبديهيات درءا لخطر تحول العاملين بالشأن العام بمختلف أصنافهم وبجميع توجهاتهم الى نخبة منفصلة عن الساكنة تتصدى لإنشغالاتهم وحل قضاياهم  من خلال العمل السياسي .

ويبقى اليوم خصوصا بجماعة تادرت العمل السياسي عبارة عن كلام يمارسونه ربما يخفون خلف شعاراتهم اجندات أو مصالح شخصية يسعون لتحقيقها او أنهم يعتبرون أنفسهم نخبة إجتماعية تهوى اللهو بالمصطلحات الغامضة وتحب استعراضها ولا شك أن مثل هؤلاء هم من يتربعون على كراسي المجلس الجماعي وهم يمثلون حالات إنحراف في الشأن السياسي بالجماعة لذلك هم لا يفهمون لِمَ قد يقضي غيرهم الساعات الطوال مثلا في مناقشة أو متابعة الشؤون السياسية بالمنطقة ناهيك عن جعل الإلتزام السياسي أو العقائدي اولوية في حياته وطبعا لِمَ قد يعطي زيد او عمرو الشأن السياسي أهمية أكبر بكثير من سائر شؤونه الشخصية والفردية كما دأب المناضلين من أجل قضايا المواطنين ….

وفي ظل سيادة ثقافة السعي لتحقيق “السعادة الفردية-الأنانية ” بأي ثمن، صار “الذكاء” السياسي أو الإجتماعي  يتمثل بالإبتعاد عن “وجع الرأس” و”المشاكل”، أي عن الشأن العام، وبمحاولة إيجاد فقاعة آمنة يمكن أن يحمي المرء نفسه فيها من إنعكاسات الشأن العام عليه شخصياً على طريقة “لأنك أنت أولاً…” أو إعلانات “مشاكلي ” و”حياتي أولا” وكل ما يتصل بياء الأشياء الفردية المنفصلة عن باقي الكون .

 ففي ثقافة الأنا الطموحة من هذا النوع، يصير من الطبيعي أن يقال في السياسي الخالص أو فيمن قضى عمره في العمل النضالي وخدمة المواطنين “مسكين وجاهل لم يعطي لنفسه فرصة الحياة ”  .وأن يقال فيمن يبيع ضميره وقناعاته للوصول إلى منصب أو ثروة: “ذكي وعبقري!” ويصفق له الجمهور، وقد صار الوعي العام بالمنطقة على هذا النهج منذ سنوات حتى الوعي السياسي لم يصل بعد الى مرحلة النضج حتى عند أولئك الغارقون في مستنقع النفاق السياسي .

لأنه وبكل بساطة من ينغمس في الشأن الفردي “الأنا”  لا يعارض سياسات الجماعة  ولا يسأل عن الفساد ولا عن مواردها ومصاريفها  ولا عن التفريط بقضايا الساكنة  .بهذا قد تمكن ممثلي الساكنة من خلق أجواء يعزف فيها الناس عن العناية بشأنهم العام، وصولاً إلى تدمير الوعي العام المحلي برمته، وهو الأمر الذي نفسر به محاولة استقطاب الشباب الى هذه اللعبة الخبيثة بإبعاد أوسع قطاعات الشباب عن الشأن السياسي، بكافة وسائل الترغيب والترهيب – حتى وهي تتحدث عن “التنمية السياسية” – هي من أول الجهات المعنية بتوسيع تلك الحالة من الجهل والتجهيل بين الشباب،

فالشأن السياسي إذن هو كل ما يمسك ويمسني ويمس الجميع، وبالتالي فإن التصدي له هو شرط وجودنا كمواطنين وكبشر على هذه الأرض، لا مجرد منتدى خاص لمن حلوا مشاكلهم الشخصية كما يظن البعض.

اظهر المزيد

جرسيف سيتي

موقع إخباري مستقل، يهتم بالشأن المحلي والوطني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى